في المرآة
بعد 22 عاما على غزو العراق
يحيى الزيدي
يستذكر العراقيون غداً الأربعاء ذكرى غزو العراق ودخول قوات الإحتلال الأمريكية إلى العاصمة بغداد في التاسع من نيسان 2003 بعد نحو 3 أسابيع من القصف العنيف والمعارك غير المتكافئة، لتبدأ دوامة من الفوضى والدمار.
سبقت الغزو الأمريكي للعراق 12 سنة من حصار اقتصادي خانق، شل حركة البلاد، وكثر فيه العوز والنقص في جميع مستلزمات الحياة.
بدأت الحرب العدوانية التي اشتركت فيها جيوش من 33 دولة، بحملة قصف عنيفة أطلق عليها "الصدمة والترويع"، حيث تلقت بغداد وحدها ألف غارة جوية في ليلة واحدة، دمرت خلالها الدفاعات الجوية والأسلحة العراقية.
احتلت أمريكا والقوات المتحالفة معها بغداد في 9 نيسان / أبريل 2003، ومنذ ذلك الحين شهد البلد الكثيرمن التقلبات، وعلى الاصعدة كافة ، لاسيما السياسية والامنية والاقتصادية منها.
ففي الأول من أيار/ مايو 2003، أعلن الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش انتصار بلاده في حرب العراق، وذلك في خطاب ألقاه من على متن حاملة الطائرات أبراهام لينكولن، كما اعلن نهاية العمليات القتالية الرئيسية: حيث أنهى فترة الغزو وبدأ فترة الإحتلال العسكري، متعهداً بضبط الأمن وإعادة الإعمار.
شنت الحرب، ودخلت الجيوش الجرارة العراق على الرغم من عدم وجود تفويض من الأمم المتحدة ،وفي ظل احتجاج مئات الآلاف من الأشخاص في شتى أرجاء العالم، ونشر التحالف بقيادة الولايات المتحدة الامريكية قوات قوامها في بداية الامر أكثر من200 ألف جندي، في العراق.
لكن رغم إعلان واشنطن انتهاء عملياتها العسكرية الرئيسية شهد العراق بعد الغزو الأميركي مرحلة اضطراب أمني مع تصاعد المقاومة المسلحة ضد المحتل الأمريكي.
والمتابع للمشهد منذ البداية سيجد عدم وجود مبررات منطقية لهذا الغزو الكبير، الذي شاركت فيه قوات ضخمة يمكن بواسطتها خوض حرب عالمية ثالثة.. لا احتلال بلد مثل العراق، ولم يتم العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق، فقد حشد الأمريكيون وحلفاؤهم في بداية حملتهم 207 آلاف جندي بينهم 145 ألف جندي أمريكي و62 ألف جندي بريطاني، ووصل عدد هذه القوات لاحقا إلى 270 ألف جندي، ثم زاد عن 300 ألف عسكري، فماذا أراد الأمريكيون أن يفعلوا بكل هذه الجيوش هناك؟
خرج الأمريكيون رسميا من العراق عام 2011 تاركين إياه في مهب الريح، ينهشه العنف والفساد ، ولم يسجلوا أي إنجاز يمكن أن يحسب لهم، والأدهى مع كل هذا الخراب، أنهم لا يزالون في قواعدهم يعظون الآخرين ويتحدثون عن الفضيلة وأيديهم تقطر بدماء لا تجف.
اما بشأن أسلحة الدمار الشامل.. بعد أسبوعين فقط من الغزو أدلى وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بإجابة على سؤال بشأن العراق وأسلحة الدمار الشامل خلال مؤتمر صحفي.."نعرف أين أسلحة الدمار الشامل، إنها في المنطقة حول تكريت وبغداد وشرقها وغربها وجنوبها وشمالها".. ولم يتم العثور على اسلحة الدمار الشامل في العراق.
وعلى نقيض ما حدث في حرب الخليج عام 1991، قوبل الهجوم الثاني على العراق بمعارضة شديدة في الولايات المتحدة وشتى أرجاء العالم.
كما رفضت فرنسا وإيطاليا، بعد أن كانتا قد شاركتا في الجهود العسكرية السابقة، المشاركة في التحالف في ذلك الوقت.
وأعرب وقتها الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن معارضة شديدة للتدخل العسكري، الأمر الذي عكر صفو العلاقات بين باريس وواشنطن.
وقال شيراك "بالنسبة لنا تعد الحرب دائما دليلا على الفشل وأسوأ الحلول، لذا يجب بذل الجهود لتجنبها" .
اما ملك الاردن عبد الله الثاني قال: "نعارض بشدة قتل النساء والأطفال. نحن مع شعبنا الرافض للغزو" .
فتح الغزو الأمريكي للعراق أبواب الجحيم على هذا البلد، على حاضره ومستقبله، بل وماضيه أيضا، من خلال تدميره للبنية التحتية فيه.
كما شهدت تلك الحقبة الدموية نهب أطنان من احتياطات العراق من الذهب والأرصدة، وشهدت متاحفه أكبر عملية سطو في التاريخ، ولاحقا اجتاحتها عمليات تدمير شامل لما تبقى من شواهد الماضي.
اما تكلفة العمليات العسكرية بلغت مليارات الدولارات، فضلا عن خسائر آلاف الأرواح ولجوء الملايين إلى دول أخرى، كما شهدت المنطقة اضطرابات من جديد.
وبعد 22 عاما على الحرب، نرى المشهد السياسي في البلاد يستقر نوعا ما، أما الوضع الاقتصادي يتأرجح، لاسيما بعد ارتفاع سعر صرف الدولار، وظهور نسبة الفقر في بلد غني مثل العراق.
وأخيراً أقول .. حفظ الله العراق وشعبه من كل سوء ومكروه.