بعد مضى أكثر من عام ونصف العام

"بي بي سي" لا تدفع مستحقات متعاونين معها في غزة

لندن/ متابعة صوت القلم:

اشتكى صحفيون فلسطينيون في غزة يتعاونون مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) من عدم حصولهم على مستحقاتهم المالية التي مضى على تاريخ استحقاق بعضها أكثر من عام ونصف العام، حين بدأت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على القطاع.

وتنوعت الشكاوى بين عدم رد "بي بي سي" على الرغم من إرسالها الإقرار المالي نظير العمل على كل قصة صحفية أو تقرير صحفي، أو إرسال دفعة مجتزأة لا تغطي كامل الحقوق المالية المستحقة.

مماطلة "بي بي سي" دفعت عدداً من الصحفيين المتعاونين معها في غزة إلى نشر شكواهم عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي، ومنهم هلا عصفور التي قالت إنّ آخر ما أُبلغت به هو أنّ "الحوالات بدأت منذ 11 مارس/آذار، ومن وقتها أعطيتهم مهلة كافية، ولكن لم يجرِ أي تواصل أو تحويل فعلي حتى اليوم"، وكتبت عصفور: "منذ بداية الحرب على غزة (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، ونحن نحمل أرواحنا على أكفّنا ونخرج إلى الميدان لننقل الحقيقة، تركنا بيوتنا، وعائلاتنا، وأهلنا، لنكون صوت الناس في لحظات الخطر والقصف والموت. وخلال هذه الرحلة، عملت مع جهات عدّة، من بينها قناة بي بي سي العربية، إذ كُلّفت بمهام تغطية ميدانية أثناء الحرب، وقمت بها بأعلى درجات المهنية والالتزام"، وأضافت "رغم كل هذا، لم نتلقَ مستحقاتنا المالية حتى الآن. من بداية الحرب حتى هذه اللحظة، لم يُصرف لنا أي مبلغ، في كثير من الأحيان كنّا نخرج للتصوير ولا نملك حتى وسيلة مواصلات، في ظلّ واقع معقد وحروب ونزوح وخطر دائم (...) تواصلنا مراراً مع أصحاب الشأن في القناة، وكان الرد دائماً: سيجري حل الأمر قريباً، لكنّ هذا لم يحدث. آخر وعودهم كانت أنّ الحوالات بدأت منذ 11 مارس، ومن وقتها أعطيتهم مهلة كافية، ولكن لم يجرِ أي تواصل أو تحويل فعلي حتى اليوم". واستنكرت "استمرار سياسة التمادي في تجاهل حقوق الصحفيين في غزة، رغم كل التضحيات التي قدّموها، هذا ليس ظلماً فحسب، بل إهانة لدور الصحافة الحرة التي تقف في صف الإنسانية وتنقل معاناة الناس في أحلك الظروف"، وقالت: "نطالب بحقوقنا، ونطالب باحترام تضحياتنا، ونطالب بعدم دفن أصواتنا مرتين: مرة تحت القصف، ومرة في أدراج الإهمال".

الصحفيون والصحفيات الذين تحدثوا لـ"العربي الجديد" صرّحوا بأن الإدارة المالية لـ"بي بي سي" وعدت بإرسال تحويلات مالية في وقت قريب، لكنها لم تفِ بوعودها. وقال الصحافيون والصحافيات إن "بي بي سي" تذرعت في بعض الأحيان بصعوبة إتمام عمليات التحويل المالي وامتناع المصارف الفلسطينية عن استقبال تحويلات مالية خارجية، ما يتعارض مع إفادات زملاء لهم يعملون مع جهات عدة أخرى تلتزم بتحويل مستحقاتهم.

وأكد الصحفي محمد أحمد أنه عمل مع "بي بي سي" منتصف حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وأتم لصالحها خدمات صحفية، فيما لم تفِ بأي من التزاماتها المالية. وقال أحمد، لـ"العربي الجديد"، إنه لم يحصل نظير تلك الخدمات على أي من حقوقه المالية التي تعهدت بها المؤسسة البريطانية، ورأى أن المشكلة تكمن بدرجة أساسية في الدائرة المالية للقناة التي قدمت وعوداً عدّة ولم تنفذها، تحت ذرائع وأسباب عدة كانت تطلقها بين فترة وأخرى للمماطلة. وبحسب الصحفي الفلسطيني، فإن آخر وعد قدمته الهيئة له ولزملائه كان قبل أكثر من شهر بتحويل مبلغ مالي لهم، من دون أن يحصل ذلك إلى الآن.

الصحفية الفلسطينية ولاء أبو جامع عملت لنحو سنة ونصف السنة مع "بي بي سي" من دون أن تتمكن من الحصول على كامل حقوقها المالية. وقالت أبو جامع، لـ"العربي الجديد"، إنها عملت منذ شهور طويلة مع "بي بي سي" التي كانت توجه إليها إقراراً مالياً كل شهر، ما دفعها إلى الاعتقاد بأن مستحقاتها تحوّل إلى حساب والدها المصرفي، كونها لا تمتلك حساباً خاصاً، لكنها تفاجأت في أكتوبر 2024 بأن أي مبلغ لم يحول إلى الحساب. وحين حاولت الاستفسار، تذرعت "بي بي سي" بعدم قدراتها على إتمام عملية التحويل المالي لأن والدها موظفٌ حكوميّ في غزة، وهو ما نفته، مشيرة إلى أنه يعمل مزارعاً. بعد عدم وفاء "بي بي سي" بالتزاماتها، اشتكت أبو جامع عبر حساباتها في منصات التواصل الاجتماعي، وحينها فحسب صرفت المؤسسة البريطانية جزءاً "بسيطاً" من مستحقاتها، كما صرحت لـ"العربي الجديد"، وأكدت أن المماطلة مستمرة من جانب "بي بي سي"، في الوقت الذي ما تزال تطلب إرسال قصص وتقارير صحفية.

هداء الدحدوح قالت إنها عملت منذ بداية الحرب مع "بي بي سي" من دون أن تتمكن من الحصول على أي من مستحقاتها المالية حتى اللحظة، ولفتت إلى أنها وزملاءها يقومون بالتنقل وإعداد القصص والمواد على حسابهم الشخصي من دون أن تتدخل "بي بي سي" أو توفر أي إمكانيات وتتذرع بأسباب عدة لتأخير عملية الصرف.

يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت 211 صحفياً وعاملاً في المجال الإعلامي منذ بدء عدوانها على غزة، وأصيب العشرات بجراح متفاوتة. ولا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمنع دخول أي صحفي أجنبي إلى القطاع إلا بمرافقة قواتها، رغم المطالبات المتكررة من صحفيين ومؤسسات إعلامية وحقوقية غربية بالسماح بدخولها لتغطية مجريات الإبادة الجماعية، والتخفيف من الحمل الثقيل الذي يرزح تحته الصحفيون الفلسطينيون هناك. أما "بي بي سي" فتواجه منذ بدء العدوان على غزة اتهامات متكررة بالانحياز إلى رواية الاحتلال الإسرائيلي، والخضوع لضغوط مؤيديه في كل مرة تمنح فيها مساحة للصوت الفلسطيني.