صحيفة ووكالة
الإخبارية المستقلة
الأربعاء 2025/6/4 توقيت بغداد
معتمدة في نقابة الصحفيين العراقيين
غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة..الأب رفيق جريش


المشاهدات 1014
تاريخ الإضافة 2025/06/01 - 9:55 AM
آخر تحديث 2025/06/03 - 3:41 PM

غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة

 

الأب رفيق جريش

الحالة فى غزة وحالة الغزاويين باتت تفوق الخيال، دمار فى كل مكان، قتلى، جرحى، جوعى، عطشى، والعالم السياسى يتفرج، بينما العالم الإنسانى يصرخ ويئن مع هؤلاء، ودولة الاحتلال تكمل جرائمها ولا تبالى رغم الأصوات من داخل المجتمع الإسرائيلى وأيضًا يهود العالم الرافض لهذه الانتهاكات الإنسانية، فمع توسيع جيش الاحتلال حربه على غزة فى إطار ما يسمى بعملية «مركبات جدعون» نزح أكثر من ١٠٠ ألف فلسطينى إلى وسط مدينة غزة ذاتها، فارين من الهجمات الإسرائيلية على شمال القطاع، لتتحول مدينة غزة، التى كانت ذات يوم المركز التجارى والثقافى النابض بالحياة فى الأراضى الفلسطينية، إلى مكان مكتظ بالركام والخيام المتهالكة، حيث يعيش الفلسطينيون فى ظل نقص حاد لأدنى المتطلبات الأساسية للحياة وسط تلال من الأنقاض.

وعلى صوت أنات الجوع والعطش والمرض، يلاحق شبح الموت آلاف الفلسطينيين، خاصة من الأطفال، مع تواصل جنازير القتل الإسرائيلية فى حصد الأرواح، حيث أودت الغارات الجوية والقصف المدفعى بحياة أكثر من ألف شخص فى أنحاء القطاع خلال الأيام الماضية، معظمهم من النساء والأطفال. وفى حصيلة إجمالية، وإن كانت لا تشمل آلاف المفقودين تحت الأنقاض، استشهد أكثر من ٥٣ ألف فلسطينى، جراء حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل منذ ٢٠ شهرًا.

وقد رصدت تقارير صحيفة غير عربية مشاهد من أرض الواقع لمأساة سكان غزة فى الوقت الحالى مع تصعيد العدوان وعرقلة إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع. وكما وصفت أن كل زاوية فى كل شارع مكتظة بالناس، إنهم يعيشون وسط مكبات النفايات وبرك الصرف الصحى من الذباب والبعوض، ولا يوجد ماء، ولا طعام، ولا شىء. الناس جائعون بشدة، لكن لا يوجد ما يُقدم لهم.

وكان خبراء الأمم المتحدة قد حذروا فى وقت سابق من أن القطاع بالكامل يواجه خطر المجاعة بشكل متسارع، وأصبحت المخازن التابعة للأمم المتحدة فى القطاع فارغة تقريبًا. ورغم ذلك تمكنت وكالات الإغاثة من إبقاء بعض المطابخ المجتمعية تعمل، وتنتج نحو ٣٠٠ ألف وجبة يوميًا.

بعد ضغوط دولية شديدة سمحت إسرائيل فى الأيام القليلة الماضية باستئناف دخول المساعدات إلى غزة بعد حصار كامل فرضته على القطاع منذ مارس الماضى. إلا أن الأمم المتحدة تؤكد أن إسرائيل تعرقل إدخال المساعدات، ويستمر القصف بالتوازى مع توزيع بعض المساعدات، مؤكدة أن ما دخل غزة حتى الآن ما هو إلا «كملعقة شاى» فى حين يحتاج القطاع إلى طوفان من المساعدات بحسب وصف الأمين العام للأم المتحدة أنطونيو جوتيريش.

وتتضاعف معاناة المصابين المرضى على وجه الخصوص مع توقف معظم مستشفيات شمال القطاع بعد قصف أغلبها وتوقفها عن العمل وتكدس القليل المتبقى منها. هذه لا يمكن أن تكون حربًا بل هى إبادة للمدنيين بكل ما تحمله الكلمة من معنى، متذرعين بأن الحمساويين مختبئون بين المدنيين.. فغزة تلفظ أنفاسها الأخيرة، ولسان حال الغزاويين ونحـن معهم: «العالم لا يكترث حتى لو متنا جميعًا، إنه عالم مخادع ومنافق، يدّعى التحضر والإنسانية لكنه لا يرى إلا بعين واحدة».

نقلا عن " المصري اليوم "


تابعنا على
تصميم وتطوير