في ذكرى المولد النبوي الشريف
يحيى الزيدي
تمر غدا علينا ذكرى مولد النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فكلما اقترب شهر ربيع الأول من كل عام ،تهب علينا نسائم الذكرى العطرة ، ويطل نور البشير على المسلمين، لينهلوا من هذه المناسبة الخالدة أمجاد الماضي والتأريخ الحافل بالدعوة الى عبادة الله.
في يوم ذكرى ولادة الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وسلم) ، درس قائم على غسل القلوب والضمائر، ورفد النفوس بالقيم الانسانية العليا ، وهي ذكرى لا تخص المسلمين لوحدهم وانما تشمل الانسانية جمعاء ما دامت تسعى لبناء المجتمعات على ضوء التسامح وحقوق الانسان والمساواة .
ان من المؤكد في عملية التغيير الكبرى وبناء المجتمعات وفق معايير حضارية متطورة لا يقوم بها غير العظام من الرجال ( ولا يقوم بالعظائم الا العظيم )، والتاريخ يحدثنا بأن الرسل هم طليعة التغيير الحضاري ، وأن نبينا الكريم محمد، سيد المرسلين وخاتم الانبياء قد تحقق على يديه أكبر الحضارات التي عرفها الانسان منذ بدء الخلق وحتى يومنا هذا .
ان الاحتفال بالمولد النبوي هو ذكرى لكافة المسلمين .. فالرسول العظيم محمد ( صلى الله عليه وسلم ) لم تنحصر عظمته في اختراع ، أو في شجاعته في المعارك ، ولا بإرسال دعائم نظام ينحصر في حقبة تاريخية محددة ، وانما كانت عظمته شاملة وعامة ، ولا يمكن حصرها بحدود ضيقة شأن المصلحين والمحاربين الشجعان والعلماء ، ولهذا كان المسلمون الأوائل ينظرون الى الرسول الكريم على انه الجذوة التي تلهم نفوسهم بالإيمان من أجل بناء حياة قائمة على الحرية والكرامة أرادها الخالق العظيم لعباده ، ومنهج للرحمة والتعاون والايثار.
يقول الله عز وجل : ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين ) ، يخبر تعالى أن الله جعل محمداً (صلى الله عليه وسلم) رحمة للعالمين ، أي : أرسله رحمة لهم كلهم ، فمن قبل هذه الرحمة وشكر هذه النعمة ، سعد في الدنيا والآخرة ، ومن ردها وجحدها خسر في الدنيا والآخرة.
الرحمة التي تقترن بالشجاعة والقوة والصدق والعدل والأمانة .
نعم ..لقد أسس سيد المرسلين وخاتم الانبياء مدرسة قائمة على الأخلاق الحسنة ، والاستقامة في السلوك ، والتفكير المنطقي العميق ، فتخرّج منها قادة وفرسان، وحكماء، ورجال دولة، لا زالت بصماتهم مضيئة حتى يومنا هذا .
اننا في هذا الوقت الذي نعاني فيه من شدة الأزمات ، ومايحل ببلاد المسلمين وغزة الصابرة ليس بعيدا عنا، نحتاج ان نراجع أنفسنا، ونذكر من حولنا بالعودة أكثر الى خالقنا، ونترك حالات الانفصام بين القول والعمل .
ختاما أقول .. ما أحوجنا اليوم للرجوع الى سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، لنستلهم من هذه الذكرى الدروس والعبر لتصحيح مسيرتنا ، والسير على نهجه وسيرته، ليولد فجر جديد قائم على العدل والانصاف والمساواة .