
علاقات مجتمعية.. متى تتجاهل الإساءة ومتى يجب أن تواجهها؟
متى تتجاهل الإساءة ومتى يجب أن تواجهها؟ سؤال يبدو ضروريا في الحياة اليومية التي نعيشها حاليا، حيث تتكرر مواقف متوترة قد تؤثر على نجاح العلاقات الأسرية والمهنية وحتى مع الأصدقاء، لأنها تطلب الاختيار الصعب بين المواجهة المباشرة أو التجاهل والتغافل، بين الصمت وتمرير الموقف أو النقاش الهادئ وربما الحاد.
الحل الأمثل لمواجهة هذه المعضلة يكمن في "الذكاء العاطفي" الذي يعني القدرة على التمييز الدقيق بين "الصمت الإستراتيجي" الذي يحمي العلاقة، والمواجهة التي قد تدمرها.
في هذا الإطار نقدم 3 معايير للتعامل مع هذه الأزمة اليومية:
هل يمكنك تجاوز الموقف ذاتيا؟
يبدأ الأمر عندما تسأل نفسك: هل تستطيع تجاوز الأمر بصدق بينك وبين نفسك؟ بعض المواقف يمكن حلها ذاتيا عبر ما يسمى "تغيير زاوية الرؤية"؛ كأن تعتبر المزحة الجارحة مجرد زلة لسان غير مقصودة، أو تتقبل اختلاف وجهات النظر خصوصا مع الوالدين أو المقربين.
الصمت الصحي: يكون عندما تنجح في تجاوز الموقف من دون أن تحمل ضغينة، ودون أن يتغير سلوكك أو مشاعرك تجاه الطرف الآخر.
وجوب المواجهة: إذا وجدت نفسك عالقا في دوامة التفكير (تعيد شريط الموقف مرارا)، أو بدأت علاقتك تتغير بالسلب مع الشخص المعني، فهذا دليل على أنك لم تتجاوز الأمر، وأن الصمت سيتحول إلى احتقان داخلي يتطلب تفريغا عبر الحوار.
هل صمتك اختيار أم خوف؟
يشير الخبراء إلى أن تجنب الصراع ليس عيبا، بل قد يكون قمة النضج إذا استخدمته بوعي واختيار، لكن الصمت أيضا قد يكون الاختيار الأسوأ في الحالات التالية:
فخ العادة: المشكلة تكمن حين يصبح الصمت هو رد فعلك الوحيد في كل موقف. هنا عليك التدرب على الحزم في مواقف صغيرة في البداية من أجل بناء الثقة بالنفس.
عقدة الخوف: يوضح التقرير ما يسمى في علم النفس بـ"تأثير الردع"، وهو أن تصمت ليس لأنك متسامح، بل لأنك خائف من رد فعل الطرف الآخر أو لعدم توازن القوة بينكما. وفي الحقيقة كي يكون الصمت صحيا، يجب أن ينبع من قرار حر وقوة، لا من قهر واضطرار.
رصيد العلاقة.. هل يسمح؟
العلاقات الجيدة: إذا كانت علاقتك بالشخص جيدة ومستقرة إجمالا، والسلوك المزعج كان مجرد استثناء، فإن حسن الظن وتمرير الموقف يعد استثمارا ذكيا يحمي الود من كثرة العتاب.
العلاقات المتوترة: عندما تكون العلاقة أصلا مهتزة، يصبح الصمت جزءا من المشكلة لا الحل. فالسكوت هنا قد يفسر كقبول ضمني للإساءة، ويجعل الطرف الآخر يكررها، وتتراكم الخلافات تحت السطح لتنفجر لاحقا. في هذه الحالة، تكون المواجهة الهادئة ضرورة لإعادة رسم الحدود وضبط التوقعات.