صحيفة ووكالة
الإخبارية المستقلة
الثلاثاء 2025/10/21 توقيت بغداد
معتمدة في نقابة الصحفيين العراقيين
النفط سلاح العرب عام 1973


المشاهدات 1076
تاريخ الإضافة 2025/10/20 - 1:04 PM
آخر تحديث 2025/10/21 - 3:42 AM

في المراة

النفط سلاح العرب عام 1973

يحيى الزيدي

قطع العربُ النفطَ عن العالم خمسة أشهر في يوم (17 -10-1973) مع إطلاق مصر وسوريا حرب ٦ أكتوبر لاستعادةِ الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧.

حظر النفط العربي والقرار الذي اتخذته الدول العربية لمواجهة مد الإحتلال الإسرائيلي نحو الأراضي العربية ولد صدمة كبيرة، وبسببه تكبد الاقتصاد الأميركي خسائر كبيرة.

نجح سلاحُ النفط حينها في إخضاعِ العدو عسكرياً إلى درجةٍ ما زالت حاضرةً في ذاكرة العدو حتى اليوم، وما زال غيرَ قادر على ابتلاع الهزيمة.

تعود الجذورُ الرئيسيّة لصدمة النفط العربي إلى الحرب العربيّة الإسرائيليّة في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973، والتي دارت بين القوات المصرية والسورية من جهةٍ، وجيش الاحتلال الإسرائيلي من جهةٍ أخرى، وقد اندلعت لأجل استعادةِ الأراضي العربية التي تمّ احتلالها سنة 1967.

وفي خضم هذه الحرب، استخدمت القواتُ الأميركية مطاراتَ دول أوروبية لنقل العتاد والوسائل اللوجستية، وحينها بدأ التدخل العربي في استخدام النفط وسيلةَ ردع للأمريكيين والحلفاء الإسرائيليين، فقرر الزعماءُ العرب حظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة والدول الداعمة للإحتلال الإسرائيلي في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1973، بهدف بلورة سياسةٍ عربية موحدةٍ إزاء القضايا القومية المشتركة الكبرى، والضغط على المجتمع الدوليّ لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.

وقبل بدءِ حظر النفط العربي واستخدامه سلاحاً سياسياً في وجهِ الأزمات والحروب، كانت الأطرافُ المعنية قد لوحت باستخدامه أداة لتغيير موازين المعركة، وكانت الدولُ العربية التي تبنت هذا الخيارَ

هي “السعودية والعراق وقطر والجزائر والكويت والإمارات.”

بيد أن الفاعلَ الأول في هذه الأزمة هي السعودية، حيث ان ملكها فيصل بن عبد العزيز كان قد وعدَ الرئيسَ المصري أنور السادات بحظر النفط في حال قيام الجيش المصري بشن هجومٍ ضد إسرائيل.

ففي 16 أكتوبر/تشرين الأول 1973 اجتمع وزراءُ نفط دول الخليج الأعضاء بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في الكويت، وأقروا زيادة حادة في سعر النفط وصلت 70%.

كما اتخذ وزراءُ النفط العرب في اليوم الموالي 17 أكتوبر/تشرين الأول 1973 قراراً بحظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة، وكذلك خفض الإنتاج بنسبة 5%.

وبعد توقفِ الحرب في 26 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه والدخول في المفاوضات، أبقت الدولُ العربية على قرار حظر النفط.

وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 1973 عاد وزراءُ النفط للاجتماع في الكويت، وأعلنوا أن إلغاءَ حظر النفط مرتبطٌ بوضع جدولٍ زمني للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة توقعه تل أبيب وتضمنه واشنطن.

أقول.. تركت “صدمة النفط” أثراً كبيراً على واقع الاقتصاد العالمي، وغيّرت في مسار العلاقات الدوليّة، ذلك أن المصالحَ الاقتصاديّة أرغمت بريطانيا وفرنسا على تبني موقف الحياد ورفض استخدام مطاراتهما لنقل العتاد العسكري إلى الإحتلال الإسرائيلي.

وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1973، أصدر وزراء خارجية السوق الأوروبية المشتركة بيانا طالبوا فيه إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة. وقد تسبب حظر تصدير النفط بالكثير من الخسائر الاقتصادية في الولايات المتحدة، وخسر سوق الأوراق المالية 97 مليار دولار.

وبسبب صدمةِ النفط عام 1973 انتقل سعرُ البرميل من 2.32 دولار إلى 11 دولارا. ورغم أن حظر النفط العربيّ دامَ فقط لعدة أشهر، لكنه كان وسيلةً فعالةً في ردع الكثير من الدول، كما مكّن الدولَ العربية من زيادةِ الأسعار وأعطاها السيادةَ في الإنتاج والتصدير.

وعندما رأت الدولُ العربية الأعضاء في منظمة “أوبك” نهاية الاشتباك والدخول في المفاوضاتِ الممهدة للسلام، أنهت حظرَ النفط في 18 مارس/آذار 1974.

والتأريخ اليوم يعيدُ نفسه من خلال إرتكاب قوات الإحتلال الإسرائيلي مجازرَ دموية في غزة راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وتدمير البنى التحتية، والدور السكنية والمباني الحكوميّة، لاسيما المستشفيات، من السابع أكتوبر / تشرين الأول الحالي ولغاية يومنا هذا.

نعم، خرجت ملايين الجماهير في الدول العربية والإسلاميّة في منظرٍ كبيرٍ ورائعٍ تهتف لفلسطين، منددةً بمجازر قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، تطالب دولها باتخاذ خطواتٍ عملية وملموسةٍ لإيقاف هذا العدوان، وردع الكيان الصهيوني المحتل.

والسؤال هنا .. أين الحكام مما يجري في غزة من انتهاكٍ لحقوق الانسان..  وأين هم من مطالب شعوبهم.. ولماذا لم يستخدم النفط العربي كسلاح للضغط على الإحتلال الإسرائيلي ومَن لف لفه؟!

وأيضا.. أما كان الأجدرُ بالدول التي ترفض جرائم الإحتلال الإسرائيلي بغزة أن تقومَ بطرد السفراء الإسرائيليين من بلدانهم، وتعليق العمل معهم، كأبسط رد لنصرة فلسطين وشعبها الكريم الصابر؟!


تابعنا على
تصميم وتطوير