صحيفة ووكالة
الإخبارية المستقلة
الخميس 2025/7/31 توقيت بغداد
معتمدة في نقابة الصحفيين العراقيين
مايكروسوفت .. قفل الكمبيوتر من الهاتف عن بعد Sawt-Alqalam.com صراع على رئاسة الاتحاد العراقي.. 3 مرشحين يتنافسون على الدورة الجديدة Sawt-Alqalam.com روسيا: أميركا وبريطانيا تبحثان استبدال زيلينسكي وترشحان زالوجني بديلاً Sawt-Alqalam.com ارتفاع  حصيلة  ضحايا العدوان الى أكثر من 60 ألف شهيد  ..حكومة غزة: العدو الإسرائيلي يمنع دخول الصحافة العالمية خشية انكشاف جرائمه Sawt-Alqalam.com بريطانيا تحدد موعداً للاعتراف بدولة فلسطين..السعودية : اعتماد الوثيقة الختامية لمؤتمر حل الدولتين Sawt-Alqalam.com أصدر قرارات شملت الإيزيديين وعمولات الجباية.. مجلس الوزراء: نسبة الإنجاز الكلّية لمُجمل مستهدفات البرنامج الحكومي بلغت 83% Sawt-Alqalam.com الداخلية تنفي وجود عمليات تهريب سلاح عبر الحدود العراقية السورية Sawt-Alqalam.com هيئة النزاهة: انضمام العراق إلى الرابطة الدولية لسلطات مكافحة الفساد Sawt-Alqalam.com محكمة ألمانية ترفض طلب لجوء عائلة إيزيدية بعد ترحيلها إلى العراق Sawt-Alqalam.com العدد 118 في 30-7-2025 Sawt-Alqalam.com
الدراسة الصيفية: فرصة إصلاح ضائعة في جامعاتنا


المشاهدات 1077
تاريخ الإضافة 2025/07/10 - 8:37 AM
آخر تحديث 2025/07/30 - 6:08 PM

الدراسة الصيفية: فرصة إصلاح ضائعة في جامعاتنا

 

أ.د. إسماعيل محمود محمد العيسى

 

كان حيدر في السنة الثالثة من دراسته الجامعية، يحظى باحترام أساتذته وزملائه، معروفًا بدقته واجتهاده، أنهى امتحاناته بعناء وقرّر أن يمنح نفسه إجازةً مريحة بلا قراءة؛ بلا دورات؛ بلا شيء؛ قال لنفسه: “يكفيني ما مررت به”، في البداية كان الأمر مريحًا؛ سهر، ضحك، وقت طويل على الإنترنت، لا شيء جاد، ولا شيء مزعج؛ لكنه بعد أسابيع بدأ يرى زملاءه ينشرون صورهم في تدريبات مهنية، ويحكون عن دورات أكملوها، وعن مقابلات توظيف حصلوا عليها؛ شعر بشيء من الضياع؛ عاد إلى كتبه القديمة؛ لكنها بدت له غريبة؛ ولمّا عاد إلى الجامعة؛ لم يعد كما كان؛ أدرك – ربما متأخرًا – أن الراحة غير المنظمة قد تكون أثقل من التعب؛ وأن ما أهدره لم يكن وقتًا فقط؛ بل استعدادًا وفرصًا لا تتكرر.

حكاية حيدر ليست تجربة فردية؛ بل انعكاس لما يُعرف اليوم عالميًا بظاهرة “فقدان التعلم الصيفي”، وهي تراجع معرفي ومهاري نتيجة الانقطاع الطويل عن الدراسة، لا يُقاس بالدرجات فقط، بل يمتد ليشمل المهارات العملية، والانضباط الذاتي، والاستعداد لسوق العمل؛ ففي الماضي كانت العطلة الصيفية فسحة للراحة؛ أما اليوم؛ ومع تسارع العالم الرقمي؛ أصبحت خطرًا صامتًا إذا لم تُستثمر بذكاء؛ فما يفقده الطالب في الصيف؛ لا يُعوَّض بسهولة في الخريف.

هذا التوقف يؤدي إلى انكماش ذهني تدريجي؛ خاصة لطلبة التخصصات التي تعتمد على التراكم والممارسة؛ كما أن الابتعاد عن المهارات التطبيقية وفرص التدريب يجعلهم أقل جاهزية لسوق لا ينتظر أحدًا؛ والأسوأ أن الانضباط الذاتي الذي بُني طوال العام قد ينهار؛ فيعود الطالب وكأنه يبدأ من جديد؛ وبينما تُغلق أبواب الجامعات؛ تُفتح فرص في العالم؛ ويُصنع فيها مستقبل آخرين.

 

الحل ليس في إلغاء العطلة؛ بل في إعادة تعريفها؛ فالصيف ليس عدوًا؛ بل حليف إن أُدير بشكل حكيم؛ ولهذا نُجدد الدعوة لفتح الدراسة الصيفية بشكل اختياري مدفوع الأجر؛ بحيث يمكن للطلبة الراغبين أن يسجّلوا في مقررات مقابل رسوم رمزية؛ تُخصص لدعم الأساتذة الذين يختارون التدريس؛ فنخلق دائرة نفع متبادل: الطالب يختصر من زمنه أو يُحسّن مستواه، والأستاذ يتحفّز ماليًا، والجامعة تستثمر بنيتها التحتية بدلًا من تركها خاملة.

هذه الخطوة ليست غريبة؛ بل مطبّقة في جامعات كثيرة؛ والدراسة الصيفية ليست بديلًا عن الراحة؛ بل خيار لمن يريد التقدّم؛ ويمكن تقديم مقررات مكثّفة؛ أو ورش تدريبية؛ أو برامج مهارية تردم الفجوة بين الأكاديمي والميداني؛ كما يمكن اختصار سنة دراسية لبعض التخصصات دون المساس بالجودة؛ إذا أُحسن التخطيط.

من جهة أخرى؛ فتح الدراسة في الصيف يُسهم في رفع كفاءة استثمار المرافق الجامعية؛ وتوفير بيئة نشطة بدلًا من الجمود؛ ولكن لا نجاح من دون ضمانات: خدمات مناسبة؛ تحفيز للأساتذة؛ ومعايير جودة؛ دون تحميل الطلبة أو الكوادر أعباء فوق طاقتهم.

طلبة اليوم لا تنقصهم الرغبة؛ بل يحتاجون إلى إطار مرن يمنحهم الفرصة دون فرض؛ فتح الدراسة الصيفية اختيارياً بأجور مناسبة هو تجربة قابلة للتطبيق؛ يمكن إطلاقها في كليات محددة وتقييمها؛ ثم تعميمها؛ ومن أراد أن يستريح فليسترح؛ ومن أراد أن يتقدم فليُفتح له الباب؛ فليس من العدل أن يكون الجميع أسرى لوتيرة واحدة؛ في عالم لا يُساوي بين من يسعى ومن ينتظر.

الصيف لا ينتظر أحدًا؛ لكنه يكافئ من لا يضيّعه.


تابعنا على
تصميم وتطوير